جولة الساعات الأربع فى معرض (إيديكس) تدعو للفخر بهذا الوطن
اليوم آخر فرصة للمواطن العادى للتعرف على أحدث ما وصلت إليه الترسانة العسكرية فى العالم
الشركات العارضة تتيح المجال للزائرين للتعامل مع الأسلحة والتعرف على إمكانياتها والتقاط الصور بداخلها وبجوارها
وجود طلبة المدارس والجامعات بين الزوار يرسخ قيم الولاء والانتماء
كان شعوراً بالفخر خلال جولتى داخل أجنحة معرض (إيديكس 2025) بأرض المعارض بالقاهرة الجديدة الذى يضم معروضات من 500 شركة من أكثر من 100 دولة موزعة على أربع قاعات، كان شعوراً بالفخر بأن مصر اخترقت عصر الصناعات العسكرية الثقيلة، وما وصلت إليه من تطور تكنولوجى فى مجال صناعات الدفاع والأمن ، شعوراً بأن هذا الوطن يتقدم فى كل المجالات، وبصفة خاصة الصناعات العسكرية بعد أن كنا نتندر قبل عقدين من الزمان بأننا لا نستطيع حتى تصنيع احتياجاتنا اليومية ونكتفى باستيرادها من الخارج.
كان شعوراً بالفخر بعد جولة استمرت حوالى أربع ساعات داخل أجنحة المعرض، رأيت خلالها رجال قواتنا المسلحة يتجولون بين الأجنحة ويستمعون لشرح من مندوبى شركات التسليح العالمية حول إمكانيات الأسلحة المعروضة ويتحدثون اللغات المختلفة بطلاقة، بينما مسؤولو الأجنحة الأجنبية سعداء بما يقدمونه من شرح لقادة الأفرع الرئيسية لقواتنا المسلحة المصرية والضباط من مختلف الرتب العسكرية، كان شعوراً بالفخر فعلاً بما وصل إليه مستوى المقاتل المصرى من إجادة للغات الأجنبية وثقافته حول أحدث ما أنتجته الترسانة العسكرية فى العالم.
كان شعوراً بالفخر أيضاً ونحن نرى معروضاتنا فى الأجنحة المصرية التى تم تصنيعها بأيادى مصرية 100% ، والبعض الآخر بنسبة تصنيع مصرية عالية، وزاد الشعور بالفخر وأنا أرى الوفود الأجنبية من الدول المختلفة سواء أكانت عربية أو أفريقية أو أجنبية وهى تتفحص الأسلحة المصرية المعروضة، ثم وأنا أوجه سؤالاً إلى مسؤولى الأجنحة المصرية عن وجود صفقات تم توقيعها فعلاً مع الدول المختلفة لشراء هذه الأسلحة المصرية، فتكون الإجابة: بالتأكيد نعم، نظرا لكفاءة المنتج المصرى وأدائه المهام المطلوبة من تصنيعه بكفاءة واقتدار.
كان شعوراً بالفخر وأنا أتحدث مع مندوبى شركات التسليح العالمية مثل لوكهيد مارتن ورايثيون جروب ونورثروب جرومان وبوينج الأمريكية، وتاليس ورافال الفرنسيتين، وشركةMBDA الأوروبية وهي مجموعة أوروبية رائدة فى مجال أنظمة الأسلحة المعقدة، وشركة أرسنال البلغارية، وشركة ثرييت ديتكشن لاكتشاف وتدمير الألغام، وليوناردو الإيطاليتين، وشركة بى بى إس التشيكية لانتاج الطائرات وتوربينات القطع البحرية، وغير ذلك من شركات تحمل جنسيات دول عديدة وتشتهر بصناعات عسكرية لها تاريخها.
كانت قمة الشعور بالفخر أمام الجناح المصرى بالمعرض الذى احتوى على أحدث انتاج الهيئة العربية للتصنيع ومصانعنا الحربية التابعة لوزارة الانتاج الحربى، فرأيت على رأس هذه المنتجات راجمة الصواريخ "ردع 300" وهي راجمة صواريخ موجهة مجنزرة متعددة الأعيرة، وتهاجم أهدافاً على مسافات حتى 300 كيلو متر، وتعمل فى الطرق الممهدة وغير الممهدة وتسير بسرعة تصل إلى 40 كيلو متراً فى الساعة.
أيضاً مركبة "سينا 806" من أحدث منتجات شركات الإنتاج الحربى وهى مركبة إصلاح ونجدة تعمل مع تشكيلات المركبات المدرعة (سينا 200)، وتقوم بعمليات الإصلاح والنجدة اللازمة للتأمين الفني للمركبات ذات الجنزير (سينا 200) ومزودة بونش رفع يحمل حتى 2 طن وونش سحب لنجدة المركبات المتعطلة بقدرة 15 طناً، ويمكن مضاعفتها حتى 30 طناً، كما تتمتع المركبة بنفس مستوى حماية المركبة المدرعة، وتم تصنيعها بأياد مصرية 100%.
ولأول مرة تم عرض مركبة خفيفة (4×4) مجهزة بالمدفع الثنائي 23 مللى المضاد للطائرات بعد تطويره بتقليل الارتداد، واستخدامه مع الأهداف الأرضية والجوية، وتحميله على عربة خفيفة، وهو مدفع ذو معدل نيران عال، بمعدل رمي 1600 طلقة فى الدقيقة لمدى أكثر من 2 كيلو متر على الهدف الأرضى وأكثر من 2.5 كيلو متر على الهدف الجوى، ويمكن استخدامه في الإطلاق الزوجى والفردى.
شاهدت إنتاج الصلب المدرع الذى نجحت وزارة الإنتاج الحربي في تصنيعه وتطويره حتى سمك (30) مللى بعدما كان 15 مللى فقط، وعرض حتى 240 سنتيمتراً بعدما كان 150 سنتيمتراً، وعلمت أنه جار التطوير للوصول لسمك وعرض أكبر، مع توطين تكنولوجيا تصنيع الصلب المدرع للمساهمة فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من هذا المنتج الذى يدخل في إنتاج الدبابات والمدرعات القتالية، لتصبح مصر واحدة من ست دول فقط على مستوى العالم قادرة على إنتاج هذا المنتج الإستراتيجي.
جناح وزارة الانتاج الحربى عرض نموذجاً مصغراً من منظومة الهاوتزر 155 مللى 52 عيار (k9 A1 EGY) وهى من أحدث منظومات المدفعية على مستوى العالم وسيتم تسليم أول دفعة منه لتشكيلات القوات المسلحة خلال النصف الأول من 2026، بعد أن تم تصنيع الذخيرة 155 مللى الخاصة بالمدفع K-9 داخل مصانع الإنتاج الحربى.
راجمة الصواريخ "رعد 200" معروضة فى الجناح المصرى بعد تعديل نظام التحكم في القاذف ليكون هيدروليكيا بدلاً من نظام التحكم الكهربي والذي تم عرضه خلال النسخة الثالثة من ايديكس في 2023، كما تم تدقيق نظام التنشين الخاص بالقاذف، وأيضاً القنابل الجوية المسماة مجموعة (حافظ) بالإضافة إلى المسيرات جبار دى، والمدرعة المتطورة "تمساح 6 " وهى مدرعة متطورة ومجهزة بالكامل وهي صناعة مصرية 100% وتم تصنيعها بالكامل في مصر.
معروضات الدول المشاركة تضع حلولاً واقعية للمشكلات القتالية التى واجهت الجيوش منذ النسخة الماضية من معرض إيديكس ، فوجدنا معروضات تغطى مجالات أنظمة الدفاع الجوى والصاروخى، والمركبات البرية المدرعة وغير المدرعة، وبناء السفن والأنظمة البحرية، والطائرات المقاتلة والأنظمة الجوية، والمسيرات والذكاء الاصطناعى، والحرب الإلكترونية والأمن السيبرانى، وأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات، والأسلحة الخفيفة والذخائر، والمعدات التكتيكية وأنظمة الحماية الشخصية.
استمعت خلال الجولة إلى شرح من مسؤول الجناح الأوكرانى الذى عرض نموذجاً لنظام ليزر يستطيع اصطياد الطائرات المسيرة وإحراقها قبل سقوطها على الأرض، واستمعت إلى شرح من مسؤول الجناح الإيطالى عن أحدث نموذج للكشف عن الألغام وتفجيرها عن بعد، وهو نموذج مختلف عن ذلك النموذج الذى تعرضه شركة بريطانية فرنسية مشتركة يقوم بالهدف نفسه، وشرح آخر لمسؤول الجناح الصينى عن أحدث الرادارات وأجهزة التشويش، والسيطرة على الطيف الكهرومغناطيسى.
من مظاهر الفخر أيضاً خلال جولتى بالمعرض رؤيتى لطلبة المدارس الجامعات المصرية الذين كانوا يتجولون بشغف بين أجنحة المعرض، وبينما كنت أستمع إلى شرح من اللواء عمرو فايد مسؤول إحدى الشركات الوطنية المصرية للتصنيع العسكرى حول تصنيع الزى العسكرى والخوذات والصديرى المدرع اقتربت منا فتاتان من إحدى الجامعات وقالت إحداهما: ممكن نسمع الشرح مع حضرتك؟ ، كانت سعادة غامرة من السيد اللواء ومنّى عندما وجدنا فتيات مصر مهتمات بمعرفة كل شئ عما وصلت إليه مصر من تطور تكنولوجى ومستوى راق من التصنيع العسكرى، ولاحظت مدى سعادة الفتاتين وهما تستمعان لمراحل تطور الصناعات العسكرية المصرية فقالت إحداهما: " ربنا يحفظ مصر وقائدها وجيشها"، فقلنا :آمين.
هنا أدركت أهمية الرسالة التى أعلنها مراراً وتكراراً السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما كان يطلب ترتيب زيارات لطلبة المدارس والجامعات للأكاديمية العسكرية وأكاديمية الشرطة ومثل هذه الفعاليات، فكانت هذه هى النتيجة، ترسيخ قيم الولاء والانتماء بين الأجيال الجديدة، وهذه مهمة ليست سهلة فى ظل الحملات الممنهجة التى تحاول النيل من شبابنا كل يوم.
تابعت بالنظر خلال الجولة زيارة طلاب الجامعات والمدارس للمعرض والجناح المصرى وكانت أعدادهم ليست بالقليلة وتحركاتهم بمنتهى الحرية وبدون ترتيب حتى يعرف كل طالب وطالبة منهم كل ما يريد معرفته عن الصناعات العسكرية المصرية وأين نحن من التطوير العالمى فى مجال التصنيع العسكرى، ولمست مدى الوعى الذى خرج به هؤلاء الطلبة من هذه الزيارة المهمة للمعرض.
إن معرض "إيديكس" أصبح منصة مصرية عالمية أمام كل الدول والشركات المنتجة للأسلحة ومنظومات الدفاع ليقدموا أحدث ما توصلت إليه التقنيات المتطورة فى هذا المجال، ويؤكد من جديد أن مصر الحريصة على إقرار السلام فى كل بقاع الأرض تحرص فى الوقت نفسه على أنم تمتلك القوة التى تحميها وتكون درعاً ضد أية تهديدات من أى اتجاه، ولذلك كانت استراتيجية القيادة السياسية منذ اليوم الأول هى امتلاك مصر لكل عناصر القوة، والرسالة الواضحة من إقامة معرض إيديكس بنسخه المختلفة على أرض مصر هى أن مصر مستمرة فى تعزيز قدراتها المتعلقة بالصناعات الدفاعية وتوطين التكنولوجيا الحديثة، وبناء شراكات مع دول العالم بهدف نقل المعرفة والخبرة، بما يدعم الأمن القومى المصرى ويعزز مكانة الدولة كقوة إقليمية فاعلة في مجال الصناعات الدفاعية.
اليوم الرابع من ديسمبر هو اليوم الأخير للمعرض، الذى أراه فرصة لكل مواطن مصرى لزيارته، وهناك سيجد فرصة للمتعة الثقافية والترويحية من خلال سماح مسؤولى الأجنحة للزوار بالتعامل مع الأسلحة والتعرف على إمكانياتها والتقاط الصور بداخلها وبجوارها ، كما ستكون فرصة لترسيخ قيم الولاء والانتماء للوطن والشعور بالفخر، تماماً كما شعرت خلال جولتى بالمعرض.